"انسجام الألوان :
إن دراسة انسجام لون مع لون آخر أو أكثر يتطلب منّا دراية و فهم في توازن الألوان و انسجامها مع بعضها و قد يختلف ذلك بين شخص و آخر 0
و إذا ما نظرنا إلى سطح أحمر مدة طويلة بحيث يتشبع نظرنا من هذا اللون ثم أغمضنا أعيننا فإننا نرى لوناً أخضر في الخيال و لو أمعنا النظر في لون أخضر و كررنا العملية نرى لوناً أحمر و هكذا مع باقي الألوان 0 يختلف باختلاف اللون الذي أمعنا النظر إليه 0
و هذا يفسر لنا أن تشبع مجال من مجالات طبقة العين الشبكية الثلاث يؤدي إلى مجال ثان إلى العمل بقوة أكبر و هذا اللون يسمى اللون المنسجم و اللون المتوازن مع اللون المرئي0
و نستدل من ذلك أن حالتي التباين تبرهن على أن حالة التوازن في المناطق الحساسة للألوان في عين الإنسان تتحقق عندما يتحقق قانون الانسجام بين الألوان فإذا لم تر العين حالة التوازن متحققة في الواقع حققتها في الخيال0
و القانون الفيزيائي يقول : إن مزج أشعة منسجمة يعطينا شعاعاً أبيض و مزج ألوان منسجمة يعطينا لوناً رمادياً غامقاً أو دخانياً 0
و من هنا يتضح لنا أن حاسة الرؤية تفسر الانسجام بين الألوان بأنه نوع من التوازن الفيزيائي ( النفسي) و ظهور الرمادي ( نتيجة للمزج ) ليس إلا إشارة إلى أن هذا التوازن قد تحقق فعلاً و ما مشهد طلوع الفجر إلا حالة من التوازن بين الظلام و النور و بين الليل و النهار 0
و يمكننا الحصول على اللون الرمادي من مزج الأبيض مع الأسود أو من مزج الألوان الأساسية الثلاثة مع بعضها 0
فلو حللنا كل لونين منسجمين لوجدنا أنهما يتآلفان من الألوان الأصلية ( أصفر – أحمر أزرق )
فاللون الأصفر ينسجم مع البنفسجي = أصفر : (أحمر + أزرق )
و اللون الأزرق ينسجم مع البرتقالي = أزرق : ( أحمر + أصفر )
و اللون الأحمر ينسجم مع الأخضر = أحمر : ( أزرق + أصفر )
إذن الانسجام قاعدة و نظام بين لونين و نستدل عن طريق الخبرة أن لبعض الألوان تأثيراً ايجابياً على نفوسنا عندما تكون مبنية على قاعدة و بالعكس إذا كان التأثير سلبياً يكون المزاج اعتباطياً 0
يقول الفنان سواريه أن الفن هو انسجام 0
و الانسجام قد يكون بين ثلاثة أو أربعة ألوان أو أكثر و بما أن لكل لون قوته فمن الضروري أن تكون الألوان المنسجمة متساوية في القوة 0
أنواع الانسجام :
1- الانسجام الثنائي :
ينسجم كل لونين متقابلين في دائرة الألوان الاثني عشرية ( شكل ) و يؤلفان انسجاماً ثنائياً و نحصل بذلك على ست مجموعات ثنائية منسجمة الألوان 0
2- الانسجام الثلاثي : إذا اخترنا ثلاثة ألوان من الدائرة الاثني عشرية بحيث تشكل الخطوط الواصلة بينها مثلثاً متساوي الأضلاع فإن الألوان الثلاثة تشكل انسجاماً ثلاثياً و هكذا أيضا عبر انسجاماً ثلاثياً مع اللون و جاريه ( قبله و بعده في الدائرة ) 0
3- الانسجام الرباعي : إذا اخترنا أربعة ألوان من ألوان الدائرة الاثنى عشرية بحيث ينسجم كل لونين احدهما مع الآخر و بشكل يمر فيه المستقيم الواصل بين كل لونين عبر مركز الدائرة و يتعامد المستقيم الأول مع المستقيم الثاني فنجد أنها تشكل انسجاماً رباعياً ( كما في الشكل ) و بالتالي فإن كل لونين مجاورين على اليمين و اليسار ينسجمان مع جاري اللون المقابل و يؤلفان انسجاماً رباعياً و هكذا 00000
4- الانسجام السداسي : و يتم ذلك برسم أشعة تخرج من مركز الدائرة و تشير إلى ستة ألوان غير متجاورة بحيث إذا وصلنا بين نهايات الأشعة داخل الدائرة نحصل على شكل مسدس يشير إلى الألوان التالية : مثلاً: أصفر – برتقالي – أحمر – بنفسجي – أزرق – أخضر 0
و من هنا يمكن تطبيق ذلك عملياً في الحياة كرسم لوحة – ترتيب أثاث فكل مجموعة منسجمة من الألوان تعطي لحناً و تعبيراً فنياً جماعياً0
لكن الفنان لا يخضع في عمله لأفكار خارجية بل لقوانين تنبع من صميمه يقول هيجل : / الجمال طريقة معينة من التعبير و وصف للحقيقة و الفنون الجميلة ليست إلا تحقيقاً لخبرات ميتافيزيقية بشكل لوحة أو تمثال /
التباين بين الألوان :
يعني ذلك الاختلاف الواضح في التأثير بين لونين أما إذا كان التباين كبيراً فيتحول إلى تناقض كالأبيض و الأسود كما في الشكل (7) حيث نجد أن التباين يظهر واضحاً كلما ابتعدت درجة فتاحة أو غمق المستطيلات الصغيرة عن درجة فتاحة أو غمق الأرضية و يزول التباين بتساوي درجة فتاحة مستطيل أو غمقه مع فتاحة الأرضية أو غمقها 0 و للتباين أنواع أهمها :
1- اللون المتباين بذاته : كتباين الألوان الأساسية ( أحمر – أصفر – أزرق ) و يضعف التباين مع الألوان الفرعية ( برتقالي – بنفسجي – أخضر 0000 ) و هكذا يضعف التباين إذا انتقلنا إلى ألوان فرعية من الدرجة الثالثة و لكي يتوضح التباين يمكن وضع اللون الأسود بين لونين فرعيين كما في الشكل (8) 0
التباين بين الفاتح و الغامق :
مثل الأبيض و الأسود و بينهما تنحصر جميع درجات الرمادي و الرمادي لون حيادي لا حياة فيه و لا نعتبره لوناً و دوره مخفف أو مقلل من تأثير الألوان المجاورة و يمكن أن يكون رابطاً مع الألوان حيث يتحول حسب القوة التي يكتسبها من جاره من حالة الحياد السلبي إلى الحياد الايجابي 0 أما بعض الألوان الأساسية بطبيعتها تكون فاتحة كالأصفر مثلاً فحتى نجعله غامقاً نضيف نقطة سوداء و لكنه يفقد من صفائه و قوة إشعاعه 0
أما الأحمر و الأزرق فطبيعتهما غامقين نوعاً ما فإذا أضفنا اللون الأبيض يتحول إلى لون أفتح و لكن ينجم عن هذا المزج تعكير في صفائهما و ضعف قوة اشعاعهما 0
الأستاذ نبيه بلان
"
Bookmarks